مكافحة آفة المن (الأرقة ) Pest control aphids

 
كتب الأستاذ زاهي رستم
لي حديقة صغيرة، إن لم يكن لها فضل عليّ بورودها وأزهارها، فهي لها كل الفضل بأنني أصبحت بستانياً يسعى لأن يكون جيداً، من مبدأ الحاجة أم الاختراع. وبسبب امتلاكي لمقومات البحث العلمي، بدأت بالبحث عن حلول لمشاكلي الصغيرة (على مستوى حديقتي)، وضمن شروط حددتها مسبقاً، تندرج بأن تكون الحلول واقعية، واقتصادية، وأكثر قرباً للبيئية. ولكي تعم الفائدة للجميع، خصوصاً مع قلة المراجع والمؤلفات العربية في هذا الخصوص، ومن حيث أن النشر هو أهم شيء في البحث العلمي. قررت نشر بعض ما توصلت إليه. علها أن تكون مفيدة لشخص ما، بدل أن تكون أسيرة دفاتري.
كانت مشكلتي الأولى، هي المن الذي يهاجم لبلابي كل عام، وأكثر من مرة، رغم استخدام المبيدات الكيماوية المناسبة، والخطرة أحياناً، فبعضها من الخطورة يمنعني من قهوتي الصباحية لمدة 14 يوماً بسبب التحذيرات المدونة على عبوات المبيدات.. وهذا شيء صعب بالنسبة لي. لذلك بحثت عن حلول بديلة للحد من هذه الآفة، وإليكم ما توصلت له.

الأرقة (المن)

الأرقة Aphid، هي حشرات ضارة تتطفل على الكثير من النباتات. تنتمي إلى رتبة متجانسات الأجنحة، إلى الفصيلة العليا الأرقانيات والتي تضم الكثير من الفصائل، وأهمها الأرقيات.


وهي حشرات رهيفة صغيرة الحجم، طولها أقل من 3 مم. جسمها بيضاوي الشكل، قرون استشعارها طويلة Antenna، غالباً ما تتألف من 3-4 عقل. أرجلها رفيعة، تنتهي كل منها برسغ مكون من عقلتين. البطن مدبب النهاية، وغالباً ما يحمل من الناحية الظهرية زائدتين إصبعيتي الشكل Cornicles، تفرز مواد طاردة للأعداء. وهاتان الزائدتان قصيرتان جداً أو غير موجودة لدى بعض الأنواع. ويختلف لون الأرقانيات باختلاف الأنواع، ويغلب عليها، اللون الأسود والأصفر والأخضر. كما يغطي جسم بعض أنواعها إفرازات شمعية بيضاء. وقد يُرى بعضها مجنحاً أو بدون أجنحة تبعاً للموسم، ودرجات الحرارة والرطوبة والغذاء.






ومن المعروف عن هذه الحشرات أنها تعيش على النباتات بشكل مستعمرات كثيفة، وخاصة على الأوراق والأجزاء الفتية من النبات بوجه عام، إِذ تمتص نسغ النبات بأجزاء فمها الثاقبة الماصة، مما يؤدي إِلى تجعد الأوراق وضعف النبات. ويسبب كثير من أنواعها أوراماً وانتفاخات مختلفة الأشكال على أوراق النباتات وأفرعها وجذورها. كما ينقل بعضها الفيروسات المسببة لأمراض النبات مثل موزاييك البقوليات والشوندر السكري وغيرها، والقليل من الأمراض الفطرية.
وتطرح الأرقانيات ما يفيض عن حاجتها مما تمتص مع نسغ النبات، وهو ما يسمى النُّدُوَّة العسلية أو المِغْثِر miellat، وهي مادة غنية بالسكريات، تجذب الكثير من الحشرات كالنمل وغيره، كما تساعد على نمو الفطر الأسود الذي يسبب ظاهرة الاسوداد (السُخام) fumagine الذي، مع ما يعلق به من أتربة، يعطل الفعاليات الفيزيولوجية للنبات. كما يمكن للنُّدُوَّة العسلية (المغثر) أن تعيق تلقيح النباتات وخاصة النجيليات.
الأرقانيات ذات تطور ناقص. يمكنها أن تتكاثر جنسياً أو لا جنسياً (تكاثر بكري parthenogenesis). بعضها بَيوض وبعضها الآخر وَلود. ومدة الجيل، على العموم، قصيرة جداً، فهي لذلك تتكاثر بأعداد كبيرة وتعطي الكثير من الأجيال في الموسم الواحد، إِذ يمكن للأنثى الواحدة من الأرقانيات أن تعطي عدة آلاف من الأفراد في نهاية شهر، وعدة ملايين بعد شهرين، وعدة مليارات بعد ثلاثة أشهر. وتمضي الأرقانيات فصل الشتاء على شكل بيوض، وأحياناً على شكل إِناث.
سوف يمتص المن (الأرقيات) عصير نباتاتك، وقد يتسبب بأضرار كبيرة ما لم تتحكم بها.


ومن النادر أن ينجو منها نبات. ومن الأنواع المهمة في مناطقنا يذكر على سبيل المثال أرقة التفاح (منّ التفاح الأخضر) Aphis pomi، وأرقة الدراق (مَنّ الدراق الأخضر) Mysus persicae، وأرقة البرتقال السوداء Toxoptera auranii، وأرقة الرمان Aphis punicae، وأرقة الذرة Phopalosiphum maidis، وأرقة القطن أو البصل أو البطيخ Aphis gossypi، وغيرها الكثير جداً. وبالطبع أرقياتي الخاصة التي تهاجم لبلابي.

طرق الوقاية والمكافحة

1- على المستوى الزراعي

في برنامج مكافحة الأرقانيات لابد من التركيز على أهمية العوامل البيئية والأعداء التي تسهم إِسهاماً فعالاً في الحد من أعدادها. فارتفاع درجة الحرارة إِلى فوق 25° يثبط نشاط هذه الحشرات. ومن أعدائها التي تهاجمها الدعسوقيات (بنات العيد) Coccinellidae وأسد المن Chrysopidae والذباب مُبيد الأرق Surphidae وغيرها. وإِلى جانب هذه المفترسات توجد المتطفلات وخاصة من غشائيات الأجنحة Hymenoptera ولاسيما مجموعتي صيادات الحشرات Braconides والصُفْريات Chalcides.
كما تتعرض الأرقانيات للإِصابة بالكثير من الفطريات المتطفلة التي تستخدم عملياً في مكافحتها، وخاصة من جنس الفطر الحشري Entomorpha.
أما المكافحة الكيمياوية فيجب عدم اللجوء إِليها إِلا في حالات الضرورة. وفي هذه الحالة لابد من أن تتم المعالجة أبكر ما يمكن, للقضاء على الإِناث المؤسِّسة وتلافي تكوين المستعمرات الكثيفة وقبل نشاط الأعداء. وإِذا كان لابد من التدخل الكيمياوي فيراعى انتقاء مبيدات الأرق النوعية، وأن تستخدم المبيدات الجهازية خاصة (التي تسري مع العصارة النباتية) لضمان وصولها إِلى الأفراد المختبئة بين تجاعيد الأوراق المصابة. قد يضطر في بعض الحالات إِلى الرش مرات كثيرة. كما يراعى تغيير المبيد بين مدة وأخرى لتحاشي ظاهرة المناعة.

2- على المستوى الحدائقي

الرذاذ الآمن والبسيط المصنوع من قشور الليمون والماء هو كل ما تحتاجه لإيقاف المن عند حده. حيث تصاب الحشرات الرهيفة بإضطرابات عنيفة عندما تغمر بالزيت المستخرج من الليمون والحمضيات، حيث يضعف هذا المزيج وبسرعة المن وبعض الحشرات الرهيفة الجسد، كما أنه يردع النمل، فيبقيه بعيداً لفترة من الزمن، ولكن النمل سوف يعود. وبما أن هذا المزيج له رائحة منعشة، وهو اقتصادي للغاية.. فقد يكون من المناسب أن تستمتع باستخدامه بشكل دوري، كلما قمت بصنع أحد أطباق المطبخ التي تحتاج لليمون، كالسلطة، والتبولة….. أنا شخصياً استخدمه مرة إلى اثنتين في الشهر الواحد، على الأقل.

العناصر والمعدات نحتاج إلى

  1. نصف ليتر من الماء.
  2. قشرة ليمونة واحدة مبشورة (أنا استخدم قشور ليموناتين لزيادة التركيز).
  3. القماش المستخدم في صنع الجبنة (شاشية).
  4. زجاجة بخاخ للرذاذ (مرشاش).

– التوجيهات

  • سخن الماء حتى الغليان، ثم قم بنقله بعيداً عن المصدر الحراري، وأضف قشر الليمون المبشور.
  • دع المزيج منقوعاً طوال الليل.
  • في صباح اليوم التالي، اعصر المزيج من خلال قماش صنع الجبنة، ثم صبه في زجاجة البخاخ.
  • قم برش المزيج على أوراق النبات المصابة أو المعرضة لهجوم المن أو الحشرات الرهيفة الأخرى. مع ملاحظة أن يجب على المزيج أن يمس أجساد الحشرات ليكون فعالاً.

بدائل أخرى

لا يعتبر الليمون المصدر الوحيد لرذاذ الحامض، حيث يمكن صنع رذاذ مشابه باستخدام قشور البرتقال أو الكريب فروت. في الواقع كلما كانت القشور لاذعة كلما كان الرذاذ ذو فعالية أكبر.